في ظروف المعارك الحديثة، بدون دعم المشاة، يمكن حتى لأكثر الدبابات المحمية أن تصبح فريسة سهلة للعدو. هذه الحاجة إلى الدعم الذي تقدمه قوات المشاة بتمهيدها الطريق أمام "العملاق الحديدي"، هي التي فرضت اختراع عربات المشاة القتالية (BMP) وناقلات الجنود المدرعة (BTR) القادرة على الهجوم ضمن تشكيلات الدبابات ونقل الجنود إلى خط التماس مع العدو. لكن خبرة الأعمال القتالية في أفغانستان أظهرت أن سلاح الدبابات لا يصلح كثيراً لقتال الجماعات المسلحة غير النظامية.
فمدفع الدبابة لا يستطيع ضرب العدو المتخفي في الجبال وفي الطوابق العليا للمباني، الأمر الذي استغله رماة القذائف المضادة للدروع عند مهاجمتهم للقوافل السوفييتية. لم تكن عربات (BMP) و(BTR) عرضةً لقذائف (RPG) فقط، بل ولنيران المدافع الرشاشة من العيار الكبير. ولذلك كان من الضروري إيجاد وسيلة مغايرة لحماية الدبابات.
البدايات والتصميم :
كان العمل على تصميم أول عربة مخصصة لدعم الدبابات قد بدأ في أواسط الثمانينيات. ولكن انهيار الاتحاد السوفييتيي حال دون ولادة "الدبابة الجبلية" كما سميت آنذاك. ولم يتخذ القرار بالعودة إلى فكرة بناء مثل هذه الآلية إلَّا بعد نهاية الحرب في الشيشان. وهكذا ظهر في أواخر التسعينيات الـ "تيرميناتور" الروسي. كانت هذه العربة التي اُستحدثت على قاعدة الدبابة (Т-72) مثيرة جداً بمظهرها الخارجي. فقد زود البرج الذي "خلا من ساكنيه" بمدفع عيار 30 ملم بالازدواج مع رشاش عيار 7.62 مم، وبأربع منصات "كورنيت" لاطلاق الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات. وأضيف زوج من قواذف القنابل من طراز (AG-17D).
وفي هذه الصورة تم عرض الدبابة في عام 2000. وبمرور عامين، أدخلت بعض التعديلات على العربة القتالية لدعم الدبابات (BMPT). فزود النموذج الجديد الذي تم استعراضه عام 2002، بمدفعين رشاشين عيار 30 ملم وبأربع منصات لاطلاق الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات من طراز (أتاكا- Т) ذات الاستخدام الأشمل، والتي يصل مداها إلى 6 كم ويمكن استخدامها ضد طيف واسع من الأهداف، بدءاً من الآليات المدرعة والقوى الحية وصولاً إلى الحوامات المحلقة على ارتفاعات منخفضة.
كان حجم الآمال التي علقت على الآلية الجديدة كبيراً للغاية. ولا أدلَّ على ذلك من كلمات فلاديمير نيفولينا، أحد مصممي (BMPT) الذي عمل مصمماً للآليات المدرعة في مؤسسة (أورالفاغون زافود). يقول فلاديمير: "على أرض المعركة، يمكن لعربة (BMPT) أن تتفوق من حيث الفعالية على فصيلتين من فصائل المشاة الآلية. وهذا يعني 6 عربات (BMP) وحوالي أربعين عنصراً من أفراد القوات المسلحة. من غير الحكمة استخدام الأسلحة بعيدة المدى في المدن والغابات والجبال. ولذلك، فإن هكذا آليات متعددة الوظائف مثل عربة (BMPT) يمكن أن تشكل القوة الضاربة الرئيسة للقوات البرية".
العيوب :
ولكن الآلية الجديدة لم تُعتمد بعد لتسليح الجيش الروسي. يقول قائد القوات البرية أوليغ ساليوكوف: "ننظر الآن في العربة القتالية لدعم الدبابات "تيرميناتور-2" المخصصة للقوات البرية. وسيتم البت في مسألة مواصلة استخدامها لاحقاً بعد الانتهاء من تحديد الصورة المستقبلية للقوات البرية". ولكن سرعان ما تبين أن السبب وراء الإعراض عن عربة (BMPT) يتعلق على الأرجح بـ "الأمراض الطفولية" لهذه الآلية حديثة العهد وبجملة من الأخطاء التصميمية.
فعلى وجه الخصوص، يرى الخبراء أن الصواريخ الأربعة الموجهة هو عدد غير كاف أبداً بالنسبة لعربة مثل (BMPT)
.ناهيك عن أن منصات الإطلاق غير محمية فعلياً من النيران المعادية. وإذا أخذنا بالحسبان أن هذه الآلية يجب تؤدي عملها في تغطية تحرك الدبابات والمشاة تحت نيران العدو، فإنها ستكون عرضة لأن تدمَّر في الدقائق الأولى للمعركة. كما أثارت قاذفات القنابل الآلية الانتقادات أيضاً. فإلى جانب مزاياها التي لا جدال فيها- مثل كثافة النيران وإمكانية الرماية القوسية من مواقع مغلقة- لوحظ أن توضعها الثابت على جسم الدبابة وليس في البرج، يحدّ كثيراً من فعاليتها بالإضافة إلى أنها تتطلب وجود عنصرين إضافيين في الطاقم.
النسخه الاحدث :
بعد الأخذ بملاحظات الخبراء وبرغبات الزبائن المحتملين، قدم مصممو (BMPT) نسخة معدلة منها تحت اسم (تيرميناتور- 2)، والتي تم عرضها في معرض (DEFEXPO-2014) في بداية هذا العام. وقد زودت النسخة المعدلة بنظام مُحَسَّن للتحكم بالنيران، وبحماية لمنصات إطلاق الصواريخ من الشظايا ونيران الأسلحة الفردية. كما تم تخفيض طاقم المدرعة إلى ثلاثة أشخاص بعد أن تم الاستغناء عن قاذفات القنابل الثابتة. ويبدوا أن النمودج الجديد قد لبى فعلياً كل المتطلبات التي تقدم بها الخبراء.
افق التصدير:
من المفترض أن تصبح الدول المالكة لأعداد كبيرة من الدبابات السوفييتية التي تحتاج إلى التحديث، الأسواق الرئيسة لبيع (BMPT) في الخارج. وقد أشار ألكسندر ميخاييف، نائب المدير العام لمؤسسة "روس أبورون إكسبورت" إلى أن الجانب الروسي يمتلك خيارات عديدة ليعرضها على زبائنه، بدءاً من شراء آليات جديدة تماماً وصولاً إلى تحويل الدبابات القديمة إلى عربات (BMPT). وذكر ميخاييف أن ممثلي عدد من الدول أبدوا اهتمامهم بالآلية الجديدة. كان من بينها أنغوﻻ والهند والسودان وبنين وكينيا وجمهورية جنوب أفريقيا وبوتسوانا والجزائر، حيث تم جرت اختبارات ميدانية للـ "تيرميناتور" في صيف عام 2013 . وكانت كازاخستان قد استلمت عشرة عربات (BMPT) بموجب الاتفاق لعام 2011 ، بالإضافة إلى عدد معين سيتم تجميعه بموجب ترخيص من الجانب الروسي.
وهناك بعض الآفاق أمام (BMPT) في السوق الروسية أيضاً. ففي "الورشة" الرئيسة لتخريج كوادر قوات النخبة الروسية؛ "مدرسة ريازان للقوات الجوية الخاصة"، افتتحت كلية خاصة للتدريب على هذه العربة. واشترت الكلية عدداً من النماذج للـ "تيرميناتور" الأول لأغراض التدريب. ولكن شراء هذه العربة من قبل وزارة الدفاع الروسية لا يزال حتى الآن موضع تساؤل.
------------------------