على الرغم من أن الحرب على الإرهاب في سوريا ولّدت "عرض جوي سوري" من خلال نشر مقاتلات سو-24 (Su-24) وميغ-21 (Mig-21) وميغ-23 (Mig-23) وميغ-29 (Mig-29) بالإضافة إلى مقاتلات أخرى من قبل الجيش السوري، ونشر مقاتلات أف-16 (F-16) وأف-15 (F-15) وميراج-2000 (Mirage-2000) من قبل قوات التحالف، شكلت عملية النشر الأولى لمقاتلة أف-22 / أيه رابتور (F-22/A Raptor) المتمركزة في قاعدة الظفرة الجوية في الإمارات العربية المتحدة حدثاً مميزاً.
لقد تم نشر مقاتلة الجيل الخامس أف-22 أيه رابتور، التي بإمكانها حمل مجموعة من صواريخ جو-جو وجو-أرض في مخزن الأسلحة الداخلي، لمهمتين رئيسيتين هما تحقيق ضربات في العمق باستخدام الأسلحة الموجهة بدقة من جهة، وحماية طائرات وقاذفات القنابل والطائرات دون طيار التابعة لقوات التحالف من نظام الدفاع الجوي السوري الذي وصفه رئيس هيئة الأركان المشتركة مارتن ديمبسي بالمتطور جدا نظراً لكون تلك الدفاعات تضمّ مجموعة أنظمة جوية استراتيجية ثابتة كصواريج أس-75 (S-75) وأس-125 (S-125) وأس-200 (S-200) بالإضافة إلى أنظمة صواريخ باك-أم2 (Buk-M2) وبانتسير أس-1 (Pantsir S-1) التي حصلت عليها مؤخراً سوريا من جهة ثانية.
ومع ذلك، فإن توقيت تنفيذ عملية النشر مثار تساؤل خاصة وأن العملية الحالية لا تتطلب استخدام هذه الطائرة المتقدمة، بما أن القدرة المضادة للطائرات التي يتمتع بها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) تتكون بشكل أساسي من قدرات الدفاع الجوية التي يتم إطلاق معظمها من على متن الشاحنات، أو الكتف كصاروخ سطح-جو المحمول من نوع "إيغلا" (Igla).
علاوة على ذلك، فلقد وجّه مكتب المحاسبة الحكومي الأميركي (GAO) سلسلة انتقادات صارمة لبرامج طائرات الجيل الخامس بسبب التأخير ومشاكل التكلفة والتصنيع التي أدت إلى عمليات إعادة هيكلة متعددة مما أدى إلى انخفاض في أعداد مقاتلات F-22 الموضوعة في الخدمة من 750 مقاتلة في الثمانينات (عندما كانت بموجب برنامج المقاتلات التكتيكية المتقدمة ATF) إلى 183 بعد أن طلب وزير الدفاع السابق روبرت غيتس آنذاك الحد من إنتاج هذا النوع من المقاتلات.
إن الجواب للسؤال المطروح فيكمن أن يكون الترويج لطائرة أخرى من الجيل الخامس وهي مقاتلة أف-35 الضاربة المشتركة (F-35 Joint Strike)، التي تعتبر مقاتلة من الجيل الخامس متعددة الأدوار إذ أنها ورثت قدرات عدة من مقاتلة F-22.ففي حين دفعت عملية عاصفة الصحراء التي جرت عام 1991 دولة الإمارات العربية المتحدة إلى شراء 80 مقاتلة أف-16 بلوك 60 (F-16 Block 60) في التسعينات، وأدت مشاركة مقاتلتي رافال (Rafale) وتايفون (Typhoon) في الحملة الليبية العسكرية إلى تأهيلهما إلى نهائيات مسابقة برنامج المقاتلة المتوسطة المتعددة الأدوار (MMRCA)، فإن الحملة الحالية على "داعش" يمكن أن تؤدي إلى تحقيق عمليات شراء مستقبلية لمقاتلات الجيل الخامس في سياق تثبت فيه تلك المقاتلات قدرتها على تنفيذ المهمات الموكلة إليها.