كان أول استخدام للدفاع الجوي السلبي فى سنة 1914 عندما قام امر إحدى الوحدات العسكرية الفرنسية بالإستعانة بفنان من أجل إخفاء وتمويه مواقع وحدته وبالرغم من بساطة تلك التدابير التي أستخدمت فقد كان لها تأثير كبير مما جعل القوات البريطانية والألمانية تستخدم تلك الإجراءات ، وبمرور الوقت إزدادت تلك الإجراءات تطورا لتواكب تطور وسائل الإستطلاع والهجوم الجوي فشملت إجراءات وتدابيرابعد من الخنادق والإنتشار . و حرب الخليج الثانية اوضحت مدى أهمية الدفاع الجوي السلبي .
رغم الحصار الطويل الذي سبق الغزو والذي منع العراق من تحديث وسائل الدفاع الجوي . ورغم التفوق التقني والعددي الهائل لقوات التحالف والذي أكسبها سيادة جوية مطلقة منذ لأيام الأولى للغزو، فقد إحتاجت تلك القوات الى 21 يوما من القصف الجوي قبل ان تتحرك القوات البرية وإلى نفس العدد من الإيام من العمل المشترك للقوات الجوية و البرية لتحقق اهدافها بمساعدة الطابور الخامس وذلك من خلال وضع وحدات التوجيه الليزري في محيط المنشأات العسكرية ،وقد قدرت تكلفة الأسبوع الأول من القصف الجوي مابين ثلاثة ألى خمس مليار دولار أمريكي أنفقت من أجل قصف أهداف كان أغلبها أهداف وهمية .
ماذا تتضمن إجراءات وتدابير الدفاع الجوي السلبي ؟
إجراءات وتدابير الدفاع الجوي السلبي تتضمن مايلي :-
1. الغش والتمويه ويشمل مجموعة الإجراءات والتدابير التي تتخذ لغرض تضليل العدو بالنسبة لتوزيع وغرض ووضع المنشأت والوحدات والمعدات القتالية وإيصاله الي الإستنتاجات والقرارات الخاطئة ويتظمن
الأهداف الوهمية ( مواقع هيكلية ، مصادر حرارة لإرباك السطع والتوجيه الحراري ) .
المرسلات الوهمية .
تنظيم فترات الإرسال .
المواقع المدمرة جزئيا .
الستائر الدخانية *حواجز البالونات
2- الإختفاء وهى مجموعة الإجراءات والأعمال التي تتخذ من أجل إخفاء المنشأت والوحدات والمعدات القتالية عن وسائل السطع والهجوم الجوي المعادي وتتظمن :-
(( الخنادق والملاجئ ، الإنتشار، شباك التخفي ، الطلاء المضاد للحرارة ))
القارئ الكريم بهذا التوضيح المبسط لنشأة وإجراءات الدفاع الجوي السلبي نصل الي جوهر المقال وعلاقة الدفاع الجوي السلبي بالبعد الإستراتيجي وهنا يأتي السؤال :-
لماذا الدفاع الجوي السلبي بالغ الأهمية ؟ !!
سؤال وثيق الصلة بدرجة كبيرة جدا بالإجابة والتى هى :-
أولا : الموارد المتوفرة من الدفاع الجوي الإيجابي ، والتى إن سمحت بتخصيص دفاع جوي إيجابي لكل الأغراض والمنشأات التى يمكن ان تستهدف بهجوم جوي ( سياسيه ، صناعيه ،عسكريه ) سيؤثر سلبا على ميزانية الدفاع أو ربما يؤثر على قرار ترتيب أولويات الأغراض الواجب توفير دفاع جوي إيجابي لحمايتها
ثانيا : الكلفة الإقتصادية ، إجراءات الدفاع الجوي السلبي وخصوصا إذا تم تخطيطها كأحد المراحل عند تخطيط المنشأت الحيوية في الدولة فإنها لن تشكل عبئا على ميزانية الدفاع ويكون تأثيرها إيجابي جدا فى الحفاظ على قيمة تلك المنشأت وكذلك على الروح المعنوية عند فشل الهجوم الجوي فى إحداث اضراركبيرة .
ثالثا: الإضافة الهائلة التى تقدمها هذه الإجراءات للإغراض المحمية بدفاع جوي إيجابي والتى تجعلها أشبه بالنقطة القوية إن جاز التعبير .
رابعا: بسبب التطور التقني الهائل في وسائل الهجوم الجوي فإن وسائل الهجوم الجوي ستحقق جزء من مهمتها ولو بسيط جدا وبدون إجراءات الدفاع الجوي السلبي سيكون ذلك الجزء البسيط الذي تحقق من مهام وسائل الهجوم الجوي المعادي كارثيا بالنسبة لنا .
وهنا قد يتبادر الى دهن القارئ تسائل مفاده :
أليس الدفاع الجوي لمنع الهجمات الجوية المعادية ؟
والإجابة لذلك نعم إلا أن التطور التقني الهائل في وسائل الهجوم الجوي يجب ان يؤخذ فى عين الإعتبار وأنه هو ما فرض إستخدام مصطلح تأمين الدفاع الجوي بدلا من مصطلح تدمير الطيران المعادي عند إسناد المهام لوحدات الدفاع الجوي في كثير من الدول ،لذلك فإن إجراءات الدفاع الجوي السلبي شئ بالغ الأهمية .