على الرغم من ازدياد عدد العقود المبرمة في منطقة الشرق الاوسط لشراء دبابات قتال رئيسة (MBT)، عربات قتال مشاة (IFV) وعربات نقل جنود (APC)، من الضروري للقوات الامنية في هذه المنطقة الحفاظ على المفاهيم الحديثة للعمليات، التقنيات والاجراءات في البيئات الراجلة.
توفر العمليات الجارية لتطهير شمال العراق وسوريا من ما يسمى تنظيم الدولة الاسلامية (IS) رؤية فريدة في تكنولوجيا الجندي الراجل المستخدمة من قبل قوات العمليات الخاصة (SOF) وقوات برية تقليدية مكلفة في القيام بعمليات عسكرية في بيئات حضرية (MOUT).
مع ذلك، فان التعاون بين الوحدات المحلية على غرار اللواء الاول في قوات العمليات الخاصة العراقية (ISOF)، قوات البشمركة الكردية وفريق الاستشارة والمساعدة التابع لهيئة SOF الدولية أظهر بوضوح كيف أن بعض الدول في منطقة الشرق الاوسط لا تزال تفتقد الى تكنولوجيا اكثر نضجاً لتطهير اكبر قدر ممكن من البيئات الحضرية والجوفية على حد سواء كما هو الحال مع المهام الحاصلة في مدينة الموصل العراقية.
يقدر سوق نظام الجندي العالمي Global Soldier Systems Market، وفقاً لتقرير MarketsAnd Markets نُشر في ٧ تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، ان يصل الى 5.75 مليار دولار مع حلول العام ٢٠٢١ أي بمعدل نمو سنوي قدره 5.6 % اعتباراً من العام ٢٠١٦ وصاعداً. يتميز هذا السوق بسلسلة من تكنولوجيات الجندي تتراوح بين الخوذة القتالية والدروع الواقية للبدن وصولاً الى تجهيزات C4ISTAR القيادة والتحكم، الاتصالات، أجهزة الكمبيوتر، الاستخبار، المراقبة، اكتساب الهدف والاستطلاع علماً ان كل هذه المتطلبات تبقى ضرورية للقتال في البيئات المبنية.
الى ذلك، عرضت الأخبار العالمية خلال تغطيتها عمليات التحالف هذه في شمال العراق وسوريا قوات الهجوم في البشمركة وقوات ISOF تقوم بعمليات قتالية قريبة راجلة مزودة بأجهزة راديوية تكتية محمولة باليد، أجهزة حماية الافراد (PPE) وأسلحة صغيرة تتميز بمسددات ذات نقطة حمراء، اجهزة تأشير ليزرية ومصابيح اضاءة تكتية.
في الواقع، يجري نشر العديد من الوحدات القتالية من دون وجود بعض من هذه الحلول التي باتت اليوم شرطاً اساسياً لتجهيز أفضل لشركاء SOF الدوليين بما في ذلك قيادة العمليات الخاصة الاميركية، قيادة قوات العمليات الخاصة الكندية، القيادة الخاصة البريطانية، قيادة العمليات الخاصة النروجية وقيادة العمليات الخاصة الاوسترالية.
يوفر هؤلاء الشركاء الدوليين التكنولوجيا الضرورية والمطلوبة للقيام بعمليات MOUT وعمليات القتال الراجلة لصالح القوات الامنية المحلية بما في ذلك توفير اجهزة تحكم مشتركة خاصة بالهجوم (JTAC) لتوجيه نداءات الاطلاق والدعم الجوي القريب بالاضافة الى دعم قدرات ISTAR الجوية لجيل المعلومات الخاصة بالاستهداف وادراك الوضع الميداني خلال العمليات المتخذة من الارض مركزاً لها. فعلى سبيل المثال، تجهز فرق الهجوم التابعة لقوات ISOF بخوذ قتالية فائقة التطور مزودة بأجهزة رؤية ليلية واجهزة خاصة لنقل المعدات فضلاً عن بنادق قصيرة M4 عيار 5.65 ملم
وفي بعض الاحيان يجهز ايضاً الجندي الراجل بقاذفات قنابل، نظام EOTech ذا نقطة حمراء، مسدد بصري Elcan، اجهزة تأشير ليزرية L-3 Warrior وأجهزة راديوية تكتية محمولة باليد تتناسب مع السماعات الرأسية Peltor مما يوفر الحماية التامة لسمع الجندي.
ومع تجهيز القوات الخاصة بأسطول جديد من عربات Oshkosh M-ATV سوداء اللون، الا انها تفتقر الى تكنولوجيا ادراك الوضع الميداني للجندي الراجل (DSA) وتكنولوجيا تعقب القوة الزرقاء (BFT) المثاليتين لتقليص فرص حصول اشتباكات صديقة خلال مهام MOUT، ومن بين الامثلة على ذلك فائدة العربات البرية غير المأهولة (UGV) التي اعتمدت عليها كثيراً قوات التحالف خلال عملياتها في افغانستان والعراق على مدى العقد الماضي للتخلص من الذخائر المنفجرة وكذلك خلال مهام الاستطلاع لمسح الكهوف، الانفاق تحت الارض، المجمعات والمباني.
الاتصالات
في مجال الاتصالات، تواصل القوات المسلحة وقوات العمليات الخاصة في منطقة الشرق الاوسط النظر في دمج تكنولوجيا الشبكات المتنقلة الخاصة (MANET) في ساحات القتال على الرغم من ان مثل هذه الجهود لا تزال تقتصر على وحدات خاصة. لا تقلص هذه التكنولوجيا من المتطلبات على نظم اتصالات مرتكزة الى الاقمار الاصطناعية والتي تعد مكلفة وعرضة للتشويش عليها فحسب، بل ايضا توفر للمقاتل قدرات فعالة في الاتصالات ضمن البيئات الحضرية وتلك الموجودة تحت الارض ذلك في انساق ضمن خط البصر (LOS) وخارجه (BLOS).
وصف مدير شركة Obsidian Technologies السيد Charles Cavanagh لمجلة الدفاع العربي كيف شكلت عمليات MOUT وخصوصا عمليات تطهير الشبكات في الانفاق مشكلة متعددة الاوجه للقوات المسلحة، وقال: في بيئات على غرار الكهوف والانفاق، تصبح اتصالات LOS الى حد كبير حتمية وتبرز تحديات اضافية مثل الاتصالات متعددة المسارات، الانضباط الراديوي، القيادة والتحكم.
تشمل الحلول التكنولوجية نظام الاتصالات تحت الارض التكتية نوع TerraComm من Ultra Electronics حيث تزود فرق الهجوم باتصالات صوتية ثنائية الاتجاه من خلال الارض تتوافق بشكل مثالي مع العمليات الجوفية، كما تسمح الاشكال الموجية المتعددة بالتواصل مع الفرق المتواجدة على الارض مؤمنة بذلك حدا اقصى من الأمن للمنطقة المحيطة. بحسب شركة Ultra Electronics، فإن نظام Terra Comm يزود فرق الهجوم باتصالات مباشرة ودقيقة من نقطة الى نقطة مع اشارات قوية قادرة على اختراق الحواجز الطبيعية وعوائق خط البصر ووسائل الاعلام الموصلة. كل هذه الميزات تؤمن اتصالات آمنة وموثوق بها في البيئات الرافضة ل RF.
يضم جهاز TerraComm حل إضغط وتكلم الذي يؤمن للمشغل مدى أقصى يصل الى ٥٠ م من خلال الارض. يبلغ وزنه 1.5 كلغ على الرغم من ان مسؤولين في الشركة لم يتمكنوا من التعليق على فائدة هذا النظام في منطقة الشرق الاوسط. بدورها، قالت بعض المصادر الصناعية لمجلة الدفاع العربي ان مثل هذه القدرات المتوفرة في هذا النظام تبقى في قائمة جداول اعمال القوات المسلحة الاكثر نضجا في جميع انحاء المنطقة كما يتم التركيز اكثر فأكثر على عمليات CT وCOIN.
من جهة اخرى، تواصل شركة Harris Corporation البحث عن فرص اضافية لنظام MANET في منطقة الشرق الاوسط مع توفير المزيد من الاجهزة الراديوية المعرفة برمجيا. ففي آذار/مارس الماضي، اعلنت الشركة عن حصولها على عقد بقيمة ١٧ مليون دولار من زبون رفض الكشف عن هويته في المنطقة بشأن شراء نظم راديوية تكتية نوع Falcon III RF-7850M. شكلت عملية الشراء هذه جزءا من البرنامج الاوسع لتحديث الجندي المُطبق من قبل الزبون، وفقا لمصادر من شركة Harris التي أضافت ستوفر الأجهرة الراديوية هذه شبكات عريضة الموجة للقوات على مستوى الألوية وما دون كما ستؤمن قدرات قيادة، تحكم، اتصالات، كمبيوتر، استعلام، مراقبة واستطلاع (C4ISR). يعد RF-7850M أول جهاز راديوي تكتي عالمي يعمل على دعم الجنود باتصالات عريضة الموجة وشبكات متنقلة جاهزة للاستخدام خاصة اضافة الى قدرته على تزويدهم بأشكال موجية ضيقة تقليدية.
يعمل راديو RF-7850M بين ٣٠ و٥١٢ ميغاهرتز في انتاج طاقة بمعدل ١٠ واط مع قدرة على تزويد الجنود باتصالات صوتية وبيانات متزامنة بما في ذلك نشر قدرات ادراك الوضع الميداني.
بيئات التدريب
على الرغم من ارتفاع وتيرة العمليات ضد تنظيم الدولة الاسلامية في شمال العراق وسوريا، تستمر قوات الأمن المحلية بالخضوع الى دورات التدريب اللازمة من قبل شركاء في التحالف ليتم حتى دمجها في عمليات التدريب، المشورة والمساعدة التي تقوم بها الهيئة الدولية لقوات SOF.
وفي ١٧ تشرين الثاني/نوفمبر، اعلنت الشركة الالمانية الدفاعية العملاقة Rheinmetall Simulation and Training حصولها على عقد بقيمة ١٠ ملايين يورو لتعزيز قدرات التدريب على النيران المباشرة المعقدة في مرفق لم يُكشف عنه في منطقة الشرق الاوسط. سيتميز هذا العقد، الذي يركز على تحديث مركز التدريب على القتال النقال المصمم لتعزيز تكتيكات، تقنيات واجراءات (TTP) الفرق الراجلة، سيتميز ببرمجيات واجهزة محسنة على حد سواء، كما سيضم دمج تكنولوجيات خاصة بمشبهات اشتباك ليزرية قادرة على التشغيل من قبل اسلحة صغيرة ونظم اسلحة دعم كبيرة اضافة الى عربات برية تكتية.
وفقا لمتحدث باسم شركة Rheinmetall، سيضم هذا المركز تكنولوجيا التشبيه المباشر Legatus من انتاج الشركة المستخدمة اصلا ضمن الجيش الالماني. وفي هذا الاطار، قالت مصادر من الشركة: يجسد نظام Legatus نهج شركة Rheinmetall في تطوير تقنيات التشبيه المباشر الواقية في المستقبل: صعبة، مستقلة وذكية لان هذه التكنولوجيا برهنت فعاليتها حتى في البيئات الأكثر صعوبة. تثبت هذه التكنولوجيا في البنى التحتية فتصبح مستقلة ولا ترتبط بأي أجهزة اخرى نظرا لاحتوائها على حلول تدريب نقالة ولاسلكية. تعد هذه الحلول الذكية غاية في الاهمية بالنسبة للقوات المسلحة فهي تتميز بتكنولوجيات ونظم فائقة التطور تعمل على ضمان التدريب الواقعي والفعّال.
موضوع: تكنولوجيا الجندي الراجل 
الجمعة فبراير 17 2017, 09:23
