إيران والولايات المتحدة اقتربتا كثيرا من اتفاقية تاريخية في محادثات الطاقة النووية في فيينا، حيث أجمع الدبلوماسيين أن المحادثات في العاصمة فيينا ومن قبلها في مسقط مهدت الطريق للنجاح لأن كل المعنيين بالقضية النووية وهم إيران من جهة ومجموعة 5+1 من جهة أخرى أدركوا أن النجاح هو الخيار الوحيد بخصوص الطاقة النووية.
وبهذا الخصوص كتب جوليان بورجر:
إيران والولايات المتحدة وقوى أخرى اقتربوا من إطار اتفاقية تاريخية شاملة الأسبوع الماضي في فيينا، والتي من المتوقع تواصلها في الشهور القادمة حتى يونيو وربما يوليو من العام القادم حيث تنهي 12 عاما من الاحتقان بخصوص برنامج الطاقة النووية الإيرانية.
وقد تسربت معلومات من اجتماعات فيينا ومن قبلها في مسقط تفيد أن المجتمعين توصلوا لتنازلات بخصوص الجدال في قضايا سابقة.
بل وتمت صياغة الاتفاقية الأخيرة ووزعت على المتباحثين من عدة نسخ. بعض الدبلوماسيين وصفوا أن 95% من العمل قد تم، والمتبقي سيقرر في عدة عواصم عالمية بخصوص قدرة إيران لتخصيب اليورانيوم في السنوات القادمة، ورفع الحظر الدولي تدريجيا.
العديد من الخبراء في قضايا الحد من التسلح قالوا إن المتبقي من المحادثات سيكون سياسيا أكثر منه نوويا، ويتعلق هذا الجانب السياسي باحتياجات إدارة الرئيس باراك أوباما وحكومة الرئيس حسن روحاني في إيران لطمأنة المحافظين في كلا البلدين، وستهتم المباحثات القادمة بمتطلبات هذا الجانب اكثر من متطلبات برنامج الطاقة النووية الإيرانية سواء كانت حقيقية أم مثيرة لمخاوف تجاه حظر الانتشار النووي.
هنالك أيضا اختلافات في وسط الدول الست المشتركة في المحادثات مع إيران. فرنسا معترضة بشكل دائم على التنازلات بشأن الطاقة النووية نسبة للخمسة الآخرين (الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، ألمانيا، روسيا والصين)، ولكن يبدو أن الموقف الفرنسي يأتي لطمأنة بعض الدول في المنطقة.
جون كيري، وزير خارجية الولايات المتحدة، سافر إلى باريس في 4 نوفمبر للمحادثات مع لورنت فابيوس، وزير الخارجية الفرنسي الذي سبق أن استقبل وزير الخارجية السعودي، وطلب كيري من نظيره الفرنسي أن لا يعمل على إفشال المباحثات في أيامها الأخيرة كما فعل في نهاية محادثات 2013، حين قال إن باريس لن تجاري لعبة الغباء.
ورجحت بعض المصادر الفرنسية أن فابيوس قد ينسحب في الساعة الأخيرة من المحادثات إذا تم الاتفاق مع إيران، ويرجح المراقبون أن انسحابه – إن حدث – لن يثير قلق الآخرين، حسب مصدر فرنسي مطلع حيث قال: (لفابيوس مصالح اقتصادية متشعبة مع الخليج العربي -وخاصة السعودية وقطر– وهي مصالح ذات أهمية اقتصادية كبيرة للاقتصاد الفرنسي، وللعمالة الفرنسية في الأعوام القليلة القادمة. في حين ليس لفرنسا مصالح مماثلة مع إيران).
بعض الدول الإقليمية تتفق مع موقف إسرائيل في الاعتراض على أية اتفاقية مع إيران حتى لو ثبت أن برنامجها النووي برنامج للأغراض السلمية، ولو فشلت المحادثات لكانت النتائج خطيرة وسريعة، فالكونجرس الامريكي كان مستعدا لفرض المزيد من الحصار على إيران، وبعد فوز الجمهوريين في انتخابات الشهر الحالي سيصعب على أوباما الالتزام بالفيتو على إجراءات عقوبات جديدة.
وفي الجانب المقابل سيطلب المتشددون في طهران على الأرجح نهاية اتفاقية تجميد البرنامج الإيراني الذي وافقوا عليه منذ عام واحد.
وكانت كل الأطراف تدرك أن التصعيد من الطرفين قد يدفع الأزمة النووية المستمرة منذ 12 عاما إلى حافة الحرب.
اسرائيل هددت عدة مرات أنها ستتخذ خطوات حربية إذا انهارت الدبلوماسية في احتواء طموحات إيران النووية، أما بعض القوى الأخرى في المنطقة فتريد القضاء النهائي على تلك الطموحات (فالاحتواء لا يكفي) على حد تعبير مسؤول كبير.
رضا مراشي، وهو مسؤول سابق ومدير البحوث في القنصلية الإيرانية في واشنطن، لم يخف استياءه من التأثيرات السياسية الداخلية على جميع الاطراف، وأكد أن المباحثات ستستمر في طريق النجاح (في كلمات مختصرة، المفاوضون بأنفسهم يعتقدون أن الفشل ليس اختيارا). جميع الاطراف التي التقت في فيينا لم يكونوا يريدون إنهاء المحادثات فيما إذا لم يصلوا إلى اتفاقية شاملة بتاريخ 24 نوفمبر، التاريخ المتفق عليه مسبقا، في جنيف العام الماضي، وهو ما حدث فعلا.
وكان أمامهم عدة اختيارات أحدها الإعلان عن اتفاقية مؤقته، تاركين المجال لإتمام الاتفاقية في وقت لاحق، او ببساطة استمرار المحادثات.
رغم موقف المتشددين في أمريكا وهو الموقف الذي أعلنه جيم والش: (إنها الآن أو ليس أبدا إذا تأخرت ستة أشهر، فهل سيعود أوباما أقوى، وهل سيكون قادرا على الوصول لاتفاقية؟ هل روحاني سيستطيع ذلك؟ كلا)، وتبين بعد انتهاء المباحثات في فيينا أن أبرز العقبات، كمية التخصيب ونتائج إنهاء الحصار.
الولايات المتحدة عرضت تجميدا مؤقتا للحصار، مع إنهاء تجميد الاموال والممتلكات الإيرانية حول العالم، أما إنهاء الحصار على النفط والبنوك فيؤجل إلى وقت لاحق.
طهران طلبت انهاء تاما للحصار على الأمور ذات الأهمية في وقت مبكر ضمن الاتفاقية، بما فيها إنهاء الحصارالمفروض من قبل الأمم المتحدة. لدى إيران 19 ألف جهاز من أجهزة الإنتاج المركزي مركبة في جهازين لتخصيب اليورانيوم. ورغب الغرب بتقليص هذا العدد إلى 4 آلاف فقط.
إيران لا ترى تقليص كمية الانتاج، وتريد تأمينات أنها تستطيع توسيع الخط حسب احتياجات الطاقة النووية، وقد انتقد خبير التحكم بالأسلحة داريل كيمبال، من جمعية التحكم بالسلاح، تمسك الطرفين بهذا الموقف.
مع الإشارة إلى أن روسيا قد اكدت توصيل الوقود لمولد الطاقة في إيران في بوشهر ولمولدتين جديدتين تم الاتفاق عليهما بين روسيا وإيران قبل أسبوعين من مباحثات مسقط، وسيكون مأساويا وخطأ تاريخيا إذا تراجعت إيران ثم لم يتوصلوا لاتفاقية شاملة، ولكن عليهم إدراك أن الأجهزة التي لديهم قديمة ومن القرن الماضي.
وعن إطالة أمد المفاوضات إلى يونيو القادم حذر جفري لويس، من معهد مونتيري للدراسات الدولية، بأن إيران إذا ارادت إنتاج السلاح النووي، ستستعمل مواقع أخرى سرية عوضا عن استعمال المواقع التي هي تحت المراقبة الدولية. (الإيرانيون لن يستعملوا مواقع معروفة. لأن ذلك سيسبب أزمة فورية. ربما استطاعوا بناء قنبلة أو اثنتين. وإذا كانوا سيفعلون ذلك، فسيكون في موقع سري. ولذا فكل ما علينا فعله هو التثبت، وليس العدد المعلن او المسجل).
وتخلص جريدة الغارديان من هذا التحليل إلى استنتاج المبادئ الطريفة التالية: المبدأ الاول الذي اتبع للتسعة أشهر الماضية: (لا تحل أي مسألة إلى أن يحل الكل)، بعكس ما تقتضيه طبيعة القضايا المطروحة. ولكن المصادر المقربة لمحادثات فيينا أعلنت بعد انتهائها تجاوز المتفاوضين لهذا المبدأ بإعلانهم ان هنالك عدة مواضيع شائكة لكنهم اقتربوا من الحلول.
المبدأ الثاني: إيران تريد اتفاقية أمدها لا يتجاوز 3 سنوات. والغرب أراد اتفاقية لعشرين عاما. وظهر أن التنازل سيكون بين 8-10 سنوات.
المبدأ الثالث: التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أجل التحقيق في التطوير السابق للأسلحة النووية، وقد تم الاتفاق، حسب مصادر مطلعة على ما يلي:
– الوكالة الدولية للطاقة عليها تأكيد التعاون التام قبل أن يرفع الجزء الاكبر من الحصار.
– مولد الماء الثقيل الذي يبنى في اراك وسط إيران – تجب إعادة تصميمه لانتاج بلوتونيوم أقل كمادة ثانوية، وتتعهد إيران بعدم بناء معمل إعادة تصنيع لاستخراج البلوتونيوم.
– موقع التخصيب في فوردو تحت الارض – وهو مركز بحوث صغير – يسمح له بالوجود ولكن تحت المراقبة المكثفة من قبل الوكالة الدولية للطاقة. – الشفافية: إيران توافق على وجود دائم للوكالة الدولية للطاقة في المنشأة النووية، ويحق للوكالة تفتيش المواقع لاكتشاف أية آثار للنشاط النووي ومراقبة الأجهزة المركزية.
موضوع: المبادئ العامة للاتفاق النووي الإيراني 
السبت نوفمبر 29 2014, 20:40